فن الخطابة من أجل النجاح كتاب للمؤلف الشهير ديل كارنيجى. والذى يبدأ كتابة بسؤال. هل فكرت مرة كيف تلقي كلمة على مجموعة من الناس بصورة أفضل؟
إن مفتاحك الأول لتحقيق ذلك هو ثقتك بنفسك، إن كسب الثقة بالنفس والقدرة على التفكير بهدوء أثناء التحدث إلى مجموعة من الناس، ليس أمراً صعباً مثلما يتخيل معظم الناس. وهي ليست موهبة وهبها الخالق سبحانه لأفراد قليلين. بل هي قرار منك وتدريب، وباستطاعة كل فرد أن ينمي طاقته الكامنة، إذا ما كانت لديه رغبة كافية لذلك. هل هناك أي سبب يحول دون قدرتك على التفكير في أثناء وقوفك أمام الجمهور، مثلما تفعل حين تكون جالساً بمفردك؟ بالتأكيد ليس هناك أي سبب. وفي الحقيقة، من المفترض أن تفكر بشكل أفضل حين تواجه الناس، لأن حضورهم يثيرك ويرفع من قدرتك.
هذا ما يجب أن تجربه وتتدرب عليه.. وتأكد من أن التدريب والممارسة سيزيلان خوفك من الجمهور ويمنحانك الثقة بالنفس والشجاعة التي لا مثيل لها.
فمن أجل الحصول على معظم ما تستطيع من جهودك لتصبح خطيباً مفوهاً أمام الجمهور، ولتحصل على ذلك بسرعة وفعالية هناك أربعة أشياء ضرورية:
1- ابدأ برغبة قوية:
ارغب بقوة في النجاح في إلقاء كلمتك، وبذلك فإن من ينظر إلى عقلك وقلبك ويتأكد من عمق رغباتك، يصبح باستطاعته التنبؤ عن سرعة التقدم الذي ستحرزه، فإن كانت رغبتك ضعيفة وهزيلة، فإن إنجازاتك ستأتي على منوالها، لكن إذا ما تتبعت موضوعك بإصرار وحيوية، فما من شئ تحت السماء يستطيع أن يهزمك.
2- اعرف تماماً ما الذي ستتحدث بشأنه:
لا يستطيع الإنسان أن يشعر بالارتياح حين يواجه مستمعيه، إلا بعد أن يفكر ويخطط حديثه، ويعرف ما الذي سيقوله. فيجب أن يكون الخطيب واعياً لنفسه، ولا يشعر بالندم والخجل لإهماله. “فلا تتكلم حتى تتأكد أن لديك ما تقوله”.
3- تصرف بثقة:
كتب وليم جيمس عالم النفس ما يلي: “يبدو أن الفعل يلي الشعور، وفي الواقع، يسير الفعل والشعور معاً، ومن خلال تعديل الفعل الذي هو ضمن سيطرة الإرادة أكثر، نستطيع أن نعدل الشعور بشكل غير مباشر.” فلكي تشعر بالشجاعة، تصرف وكأنك شجاع. استخدم إرادتك كلها في سبيل ذلك، فمن المحتمل أن تحل موجة الشجاعة محل الخوف.
4- تدرب! تدرب! تدرب!
إن أول وآخر طريقة فعَّالة لاكتساب الثقة بالنفس في فن الخطابة، هي أن تقف وتخطب. ويختصر الأمر كله في كلمة أساسية هي: تدرَّب! تدرَّب! تدرَّب! فبدونها لن تصل إلى ما تريد. فإن كان لدى الإنسان خطاب جيد فإنه سيجيد الكلام أكثر حين يردده ويتدرب عليه باستمرار.
جهز كلمتك جيداً :
– حدد الموضوع: إذا لم يُطلب منك موضوع محدد، فحدد أنت موضوعك مسبقاً حتى تفكر فيه مراراً، وتبحث فيه وتناقشه مع أصدقائك ممن تتوسم فيهم حسن الرأي في ذلك الموضوع.
اسأل نفسك جميع الأسئلة الممكنة التي تتعلق به، فمثلاً إذا كنت تتحدث عن السعادة فاسأل نفسك: ما هي السعادة؟ ما أسبابها؟ ما سبب حرمان كثيرين منها؟ … إلخ.
التحضير للكلمة يعني التفكير والبحث والدراسة وطلب العون.
– الوفرة :
ابحث في موضوع كلمتك بروح الاستفاضة والوفرة، اجمع المزيد من المواد والمعلومات أكثر مما يمكن استخدامه، ثم انتق منها ما يلائم. فقد قال “أدويس كاشلك” أستاذ الاتصال: “إن الخطب الجيدة هي تلك التي تتسلح بمادة احتياطية وافرة وفائضة، أكثر بكثير مما يستخدمه الخطيب”، فكن سيد موضوعك بدراسته من كل نواحيه.
– لكن احذر! لا تحش كلمتك للجمهور بكل ما جمعت من أفكار، فالحشو معيب وإذا زاد ما قررت أن تحتويه كلمتك من مادة عما يجب، فإنك تضطر إلى الإسراع بشدة في الكلام وأنت تواجه جمهورك، مما يحطم الكلمة كلها وتأثيرها، فالناس ينصرفون عن المتكلم النفَّاث ! والمتكلم النفَّاث هو الذي يبذل كل جهده لحشد أكبر عدد من الكلمات في الدقيقة الواحدة، فينفث حشداً من الكلمات بغض النظر عن إمكانات السامعين في متابعة ما يقول!
المنبر: حضور وشخصية
الشخصية هي العامل الأكثر أهمية في الإلقاء. وقد قال هبرد: “إن ما يفوز في الخطاب الجيد هو الأسلوب، وليست الكلمات”. وبالأحرى، إنه الأسلوب بالإضافة إلى الأفكار. لكن الشخصية هي شئ غامض معقد، تتحدى التحليل. وهي مجموعة مميزات الإنسان الجسدية والروحية والفكرية، ورغباته وميوله ومزاجه وتجربته وتدريبه وكل حياته، وهي معقدة، ومن الصعب فهمها.
تتحدد الشخصية بالوراثة والبيئة، ومن الصعب جداً تغييرها. ومع ذلك، نستطيع، من خلال التفكير، أن نقويها إلى حد ما، ونجعلها أكثر صلابة وأكثر جاذبية. وعلى أي حال، يمكننا أن نسعى لنحصل على أقصى ما نستطيعه من خلال هذا الشيء المتميز الذي وهبنا إياه الله سبحانه.
أضف إلى ذلك:
– تأثير الملابس على الخطيب، فإنها تعطيه ثقة وتقديراً للذات.
– الابتسامة المشرقة تكسب الثقة وتضمن حسن نية المرء بسرعة، وهي من أبرز مظاهر الشخصية.
– اجمع جمهورك: قف بالقرب منهم (ليس أقرب من متر)، فتستطيع إثارتهم بنصف الجهد.
– دع الضوء يغمر وجهك، فالناس يريدون رؤيتك، لأن التغيرات التي تطرأ على تعبيرات وجهك هي جزء حقيقي من عملية التعبير عن الذات.
– كن متزناً، قف هادئاً، وسيطر على نفسك جسدياً، فذلك يمنحك انطباعاً عن السيطرة الذهنية والاتزان.
كيف تفتتح الخطاب وتختتمه:
منذ أيام أرسطو، قُسم الخطاب، إلى ثلاثة أقسام: المقدمة، الجسم، الخاتمة. وبعد ذلك أصبحت المقدمة متمهلة كالعربة التي يجرها حصان واحد.
وإذا أردت أن تستخدم مقدمة، يجب أن تكون قصيرة كلائحة الإعلان. لأن ذلك يطابق مزاج المستمع الحديث الذي لسان حاله يقول: “هل لديك ما تقوله؟ حسناً، لنستمع إليك بسرعة. لا تتأنق بحذلقة في الخطاب، أعطنا الحقائق بسرعة واجلس، لذلك:
– احذر الافتتاح بما يدعي بمزحة (نكتة)!
– لا تبدأ بالاعتذار فتقول: “أنا لست خطيباً.. ليس لدي ما أقوله…”
– أثر الفضول في مستمعيك حتى تثير الاهتمام.
– لم لا تبدأ بقصة يحب الناس أن يسمعوها من روايات يسردها الخطيب
ن تجربته الخاصة.
– ابدأ بتقديم مثل محدد، أثر الاهتمام، ثم تابع تقديم ملاحظتك العامة.
– اسأل سؤالاً وادع الجمهور إلى التفكير والتعاون معك.
– اربط موضوعك بمصالح مستمعيك الحيوية، ومن المؤكد أنها تستحوذ على الانتباه. فنحن نهتم جداً بالأشياء التي تمسنا مباشرة.
والخاتمة في الحقيقة هي أكثر النقاط استراتيجية في الخطاب. فما يقوله الإنسان في النهاية، هو ما يظل يرن في آذان المستمعين، وهي الكلمات التي تظل عالقة في أذهانهم.
لذلك:
1- يجب أن يخطط للخاتمة مسبقاً.
2- لخص أفكارك.
3- خاتمة إيجابية.
4- الاختتام بمقتطفات شعرية مفهومة جداً للسامع، فهي تمنحك النكهة المطلوبة، وتضفي عليك الوقار والتفرد والجمال.
5- الذروة: فهي عندما تؤلف بإتقان، تكون ممتازة، وتعمل كقمة ترتفع جملها القوية تدريجياً.
6- اطرح سؤالاَ واترك إجابته لكل مستمع وما فهم من كلمتك.
أضغط