وحكى الراوى حكاية (عمر بن عبد العزيز والمرأة العجوز) … وبعد ان سمى باسم الله قال. … لما عاد عمر بن عبد العزيز من الشام الى المدينة. انعزل عن الناس. حتى يعرف اخبار رعيتة. فتخفى ونزل الى الطرقات. فمر بعجوز فى خباء. والخباء أشبة بخيمة من وبر او صوف تقام على ثلاث أعمدة. فسألها : مافعل عمر؟. قالت : قد عاد من الشام سالماً. فسألها مرة ثانية : ماتقولين فية؟. فأشاحت بيديها وقالت : لاجزاة الله عنى خيراً ياهذا. فما نلت من عطائة شيئ فمنذ تولى أمر المسلمين لم أخذ منة ديناراً ولا درهماً.
فقال لها عمر : وما أدرى عمر بحالك؟. وانت فى هذا المكان النأى. فقالت العجوز : سبحان الله مالك الملك. ما اظن أن يتولى أحد امر الناس. ولا يدرى عنهم حتى لو كانوا فى مغارب الارض ومشارقها.
فبكى عمر بن عبد العزيز وقال : وأعمراة .. كل الناس افقة منك. حتى العجائز. والتفت الى العجوز وقال لها : يا آمة الله بكم تبيعنى ظلامتك اى شكوتك من عمر. فأنى اشفق علية وارحمة من النار يوم الحساب.
غضبت المرأة العجوز من عمر
غضبت العجوز وقالت لة : لاتهزاء بى يرحمك الله. فقال لها عمر : حاشى الله ان اهزء بكى. وظل يرجوها بيع مظلمتها. حتى قبلت واشترى مظلمتها بخمسة وعشرين دينار. وبينما هو يعطى العجوز القيمة التى تم الاتفاق عليها. حتى أقبل على بن أبى طالب. وعبد الله ابن مسعود. وكانوا فى طريقهم للمسجد. فلما رآوا امير المؤمنين عمر بن عبد العزيز. فقالا : السلام عليكم يا أمير المؤمنين.
فشحب وجة العجوزة ووضعت يدها على رأسها وقالت : واسوءتاة. … شتمت امير المؤمنين عمر بن عبد العزيز فى وجهة. فقال لها عمر. لابأس عليكِ يرحمك الله. وطلب احضار رقعة جلد. ولكن لم يجد فقطع قعة قماش من عبأتة وكتب فيها. بسم الله الرحمن الرحيم. اما بعد. هذا ما أشترى بة عمر بن عبد العزيز. من فلانة مظلمتها. منذ ولى الخلافة الى اليوم. فلا تدعى علية عند وقوفة فى المحشر بين يدى الله تعالى. فعمر برئ وشهد على ذلك. على بن أبى طالب وعبد الله ابن مسعود. وسلمها لولدة وقال لة : يوم اموت ضعها فى كفنى حتى القى بها ربى.
ملحوظة :
عمر بن عبد العزيز هو : أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي . ثامن الخلفاء الأمويين، ولد في المدينة المنورة، ونشأ فيها عند أخواله من آل عمر بن الخطاب، فتأثر بهم وبمجتمع الصحابة في المدينة، وكان شديد الإقبال على طلب العلم. ولّاه الخليفة الوليد بن عبد الملك على إمارة المدينة المنورة، ثم ضم إليه ولاية الطائف فصار واليًا على الحجاز كلها، ثم عُزل عنها وانتقل إلى دمشق. فلما تولى سليمان بن عبد الملك الخلافة قرّبه وجعله وزيرًا ومستشارًا له، ثم جعله ولي عهده، فلما مات سليمان تولى عمر الخلافة.




