التنمر ليس مجرد تصرف عدواني عابر يمكن التغاضي عنه، بل هو سلوك مدمّر يترك آثارًا نفسية واجتماعية عميقة على الضحايا. يبدأ التنمر غالبًا في الأماكن التي يُفترض أن تكون بيئات آمنة، مثل المدارس والأندية الرياضية، ويزداد الألم عندما يكون السبب أمورًا خارجة عن إرادة الضحية، كالمظهر الخارجي، أو الظروف الاجتماعية والمادية. التنمر خطر صامت يهدد مستقبل أبنائنا
في المدارس، قد يتعرض الأطفال للتنمر بسبب ملابسهم أو مستوى معيشتهم، مما يحول بيئة التعلم إلى مصدر للضغط النفسي والخوف. أما في الأندية الرياضية، فإن الطفل أو المراهق الذي يأتي إلى النادي لممارسة رياضته المفضلة يجد نفسه هدفًا للتنمر، سواء بسبب مظهره أو حتى الوضع الاقتصادي لعائلته. مثل هذه التجارب قد تدفعه للتخلي عن رياضة يحبها، ليس لأنه فقد شغفه، بل لأنه لم يعد قادرًا على تحمل التعليقات الجارحة أو الإقصاء.
آثار التنمر تتجاوز الألم النفسي الفوري لتصل إلى نتائج طويلة الأمد. بعض الأطفال والمراهقين يلجؤون إلى الدعم النفسي للتعامل مع مشاعر القلق والاكتئاب التي يسببها التنمر. وعلاوة على ذلك، فإن المجتمع نفسه يخسر طاقات كان يمكن أن تُسهم في تطوره، لكن التنمر حطم ثقة الأفراد بأنفسهم وأبعدهم عن تحقيق إمكانياتهم.
دور الأهل في التصدي لهذه الظاهرة لا يقل أهمية عن دور المدارس والأندية. من الضروري أن يراقب الأهل تصرفات أبنائهم، سواء كانوا متنمرين أو ضحايا، وأن يعملوا على تعزيز قيم الاحترام والرحمة في نفوسهم. كذلك، على المجتمع ككل أن يتحمل مسؤوليته في رفض هذا السلوك غير الأخلاقي، فالسكوت عن التنمر يعني السماح له بالاستمرار.
التنمر هو سلوك غير مقبول أخلاقيا ودينيا. ولذلك، من المهم أن يتعلم الأطفال والمراهقون منذ صغرهم أن التنمر حرام ويجب أن يحترموا الآخرين بغض النظر عن مظهرهم أو ظروفهم الاجتماعية أو المادية. يجب أن نعلمهم كيف يعاملون الجميع برفق واحترام، وأن الإنسان ليس مقياسه شكله أو ملابسه أو مكانته في الحياة.
لنحارب التنمر معًا بالرفض العلني لهذا السلوك، وتعزيز القيم التي تحث على قبول الآخر ودعمه. القوة الحقيقية تكمن في احترام الآخرين وإعانتهم، وليس في إلحاق الأذى بهم. في النهاية، تذكر دائمًا أن الاحترام يزرع الأمان، والأمان يبني مجتمعًا أقوى.
