ما حدث مؤخرًا من اعتداء طالبة على زميلتها الأصغر منها سنًا، والذي أدى إلى دخول الأخيرة المستشفى بعد تعرضها للضرب والشتم بألفاظ بذيئة، ليس مجرد حادث مؤسف، بل هو انعكاس واضح لغياب القيم التربوية والأخلاقية في بعض الأوساط. هذه الحادثة هي نتيجة لتراكمات سلبية في المجتمع التربوي، حيث يعتقد البعض أن الدفاع عن أبنائهم في تصرفاتهم الخاطئة يُعد نوعًا من الحب والحماية. العنف في المدارس
لكن الحقيقة أن التربية الصحيحة لا تتمثل في الدفاع عن الأخطاء أو تبرير التصرفات العنيفة. العنف، سواء كان ضربًا أو شتائم بذيئة، هو سلوك غير مقبول في أي بيئة تربوية. يجب أن يكون هناك عقاب رادع لوقف تكرار هذه الأفعال. التساهل مع مثل هذه التصرفات تحت شعار “حب الأبناء” أو “الدفاع عنهم” يُسهم في تشويه مفاهيمهم حول كيفية التعامل مع الآخرين واحترام حقوقهم.
من المؤسف أن بعض الأهالي، بدلاً من الاعتراف بخطأ أبنائهم، يندفعون للهجوم على المدارس والمعلمين في محاولة لحماية أبنائهم. وهذا يُبرز غياب الوعي بأهمية التعاون بين الأسرة والمدرسة لتصحيح السلوكيات غير السليمة. فالتربية لا تعني فقط توفير المال أو الراحة، بل تعني أيضًا تربية الأبناء على القيم والمبادئ، بما في ذلك احترام الآخرين.
المدارس ليست مجرد أماكن للتعليم الأكاديمي، بل هي مؤسسات لتشكيل الشخصية، حيث يتعلم الطلاب كيفية التصرف بأدب واحترام. عندما يتخذ المعلمون أو الإداريون إجراءات لتصحيح سلوك غير لائق، فإنهم لا يفعلون ذلك من باب القسوة، بل من أجل تصحيح الخطأ وتعليم الطلاب كيفية احترام الآخرين وضبط النفس.
إن الحوادث مثل هذه لا يمكن اعتبارها مجرد وقائع عرضية، بل هي إنذار لنا جميعًا بضرورة أن نولي اهتمامًا أكبر لتربية جيل من الأبناء الذين يدركون قيمة السلوك الجيد في تعاملهم مع الآخرين. يجب على الأسرة والمدرسة أن تتضافر جهودهما لضمان أن يتعلم الأبناء أن العنف ليس حلًا، وأن الألفاظ البذيئة ليست جزءًا من سلوكيات الشخص المتحضر.
ختامًا، يجب أن نكون حريصين على غرس قيم الاحترام واللباقة في أبنائنا، وأن نعلمهم أن القوة الحقيقية تكمن في ضبط النفس والتعامل مع الآخرين بلطف. كما يتحمل كل فرد في المجتمع، سواء كان معلمًا أو مديرًا أو ولي أمر، مسؤولية تربية الأبناء على المبادئ التي تشجع على السلام والمحبة.
هذه الحادثة يجب أن تكون بمثابة جرس إنذار وضوء أحمر للجميع، فلابد من التحرك بحزم قبل أن نفقد أبنائنا في عالم تتآكل فيه القيم والأخلاق.
