قطار منتصف الليل والمسافر الغريب -

20 أكتوبر 2022

التصنيف :
قصص وعبر

كان الطقس بارد والساعة تخطت الحادية عشر قبل منتصف الليل في مدينة ميونخ الالمانية. وبينما أنا في محطة القطارات اقطع تذكرة للقطار المتجة الى مدينة، فريدريشهافن حيث يُقام معرض لآلات تصنيع البلاستيك ، قطار منتصف الليل والمسافر الغريب

وإذا بالموظف في الشباك الثاني لقطع التذاكر يسألني بأهتمام إن كنت أعرف لغة المسافر الذي يقف أمامة واعرف منة المدينة التي يود السفر اليها. وكان المسافر من دول الخليج يريد أن يتابع سفره إلى مدينة فرانكفورت للعلاج. وللأسف لم يكن في هذا الوقت المتأخر قطار يذهب مباشرة إلى فرانكفورت ، بل عليه أن ُيبدّل القطار مرتين في محطتين مختلفتين ليصل إلى هدفه وكانت أول مرة يسافر فيها إلى الغرب ولا يتكلم اللغة الألمانية او أي لغة أجنبية .

حاولت ان أشرح له بشكل سريع كيفية الوصول ولكن من ملامح ادركت أنه لم يستوعب. لذلك أحضرت ورقة وكتبت له باللغة العربية اسم البلدة الأولى التي سيصل اليهاووقت الوصول. وان علية بعدها النزول سريعاً إلى والتوجة للرصيف الاخر لركوب القطار المتجة للمدينة التالية. وكتبت لة اسم المدينة باللغة الألمانية والعربية. وأخبرتة ان علية النزول سريعاً وأخذ القطار الأخير للوصول إلى الوجهة المطلوبة او المدينة التي يريد الوصول اليها.

وكتبت الترجمة بالألمانية تحت كل جملة ليُعلم معناها ِويُرشد من قبل من يقرأها إلى الوجهة المطلوبة ثم رافقته إلى المحطة المطلوبة وصعدت معة القطار وأجلستة في الكرسى المخصص لة. واوصيت الذى يجلس بجوارة ووعدني أن يرشده للوجهة الأولى .ولوّحت له مودعاً وتمنيت له سلامة الوصول .

وبعدها انتبهت لنفسي فوجدت نفسي على رصيف غير الذي يجب أن أكون عليه لأركب قطاري، وقد مضى خمس دقائق على توقيت القطار المطلوب ، جريت مسرعاً إلى الرصيف فإذا بالقطار لايزال متوقف وكأنه ينتظرني وقد كُتب على اللوحة ( تأخير خمس دقائق)، صعدت لاهثاً وبمجرد ركوبى تحرك القطار

وصلت إلى وجهتي وكانت الساعة قد تخطت منتصف الليل، وركبت سيارة أجرة فسار بي قليلاً للخروج من محطة القطار،

ثم سألني عن وجهتي ؟ فطلبت منة ان يوصلنى إلى أي فندق في المدينة…. فتوقف فجأة وقال معتذراً لان الفنادق كلها مشغولة منذ الساعة العاشرة بسبب المعرض ولا مكان شاغر وطلب منى النزول !

قلت لة : إلى أين أذهب في هذه الساعة وفي هذا الطقس البارد ؟

فرقّ لحالي ثم اتصل عبر جهازه اللاسلكي بمكتب سيارات الأجرة الذي يتبع لة وقال للموظفة : معي راكب يريد فندقاً. فردت علية بعصبية : ألم أقل لك مراراً بانه لا يوجد أماكن شاغرة في الفنادق كلها !

وسمعنا في هذه الثانية صوت رنين الهاتف الداخلي بمكتبها فأجابت عليه ، ثم قالت للسائق انطلق إلى فندق الدولاب الذهبي، فإن نزيلاً اعتذر عن الحضور وحجزتُ للراكب الذي معك المكان : أعطني اسمه.

وإذا بالسائق يقول متعجباً : (انغلوبليش انغلوبليش) ومعناة بالالمانية لا أصدق ! لا أصدق ! فقد كان مبهوتا بهذا التوقيت العجيب ولا يجد له تفسيراً .

وصلت الفندق وكان معلق لوحة وقد كُتب على لوحة أمامه -لا أماكن شاغرة- واستقبلنى موظف الاستقبال وقال لى : أنت محظوظ

استلمت الغرفة ونظرت من شرفتها فوجدتها تطل على البحيرة وأضوائها الهادئة، وسكونها المريح. تعجبت لكل ماحدث معىة في هذه الليلة العجيبة.وحدثت نفسي