في كل يوم، نتطلع كآباء إلى تقديم أفضل ما لدينا لأطفالنا، فنزرع فيهم القيم والمبادئ التي نؤمن بها، آملين أن تشكل شخصياتهم وتوجه حياتهم. ومع ذلك، تصطدم هذه الجهود بواقع لا يمكننا السيطرة عليه. أطفالنا يشاهدون ويسمعون أمورًا خارج نطاق سيطرتنا، ما يضعنا أمام تحدٍ كبير: كيف يمكننا التوفيق بين تربيتنا لهم وما يواجهونه في محيطهم؟ ما لا يمكننا التحكم به
أحيانًا نسمعهم يروون مواقف وتجارب تشعرنا بالقلق؛ أصدقاء يقولون شيئًا مختلفًا عن قيمنا، أو مشاهد تلفزيونية تنقل رسائل غير مرغوب فيها. هذه اللحظات تضعنا في اختبار صعب، لكنها أيضًا فرصة ثمينة لنعلمهم كيفية التفكير النقدي واختيار ما يناسبهم.
الدور الأساسي الذي يمكننا لعبه هو تقديم بيئة آمنة للحوار. يجب أن يكون أطفالنا قادرين على التعبير بحرية عما يرونه ويسمعونه، وأن يجدوا لدينا الأذن الصاغية التي تساعدهم على فهم التناقضات. بجانب ذلك، تبقى القدوة الفعلية أقوى تأثيرًا. أطفالنا يتعلمون منا ليس فقط من خلال الكلمات، بل من خلال أفعالنا وطريقة تعاملنا مع العالم من حولنا.
هذه التحديات ليست موجهة للأطفال فقط؛ إنها تعيد تشكيلنا نحن كآباء. كل موقف يجعلنا نتساءل: هل نحن على الطريق الصحيح؟ كيف يمكننا التكيف مع هذا العالم المتغير دون أن نفقد جوهر ما نؤمن به؟ الإجابة تكمن في التعلم المستمر والانفتاح على تطوير أنفسنا، سواء من خلال الاطلاع على تجارب الآخرين أو البحث عن أدوات تربوية جديدة.
رغم كل ما لا يمكننا التحكم فيه، يبقى لنا الدور الأهم: أن نكون المرشد الذي يمنح أطفالنا القدرة على الاختيار، وأن نزرع فيهم قيمًا متينة تساعدهم على مواجهة العالم بثقة.
كما يقول الفيلسوف الصيني لاو تسي: “الطريقة التي تُظهر بها نفسك هي التعليم الأول لأطفالك”. لهذا، فلنكن نحن التغيير الذي نريد أن نراه فيهم.
