
اقتصاديات المالية العامة – مدخل حديث – للدكتور / محمد البنا – أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد والمالية العامة كلية التجارة – جامعة المنوفية. حاصل على البكالوريوس والدكتوراه في الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة . سافر في مهمة علمية الى كل من جامعة روما – ايطاليا NewHampshir في الولايات المتحدة الأمريكية. عمل باحث أول بالمجلس الأعلى للتخطيط – الديوان الأميري – دولة قطر . شغل العديد من المناصب الإدارية بالجامعة وكيلا لكلية التجارة – وعميدا لكلية السياحة والفنادق . – له عدد من المؤلفات العلمية في مجالات علم الاقتصاد والمالية العامة شارك في كثير من المؤتمرات العلمية في مصر والدول العربية والخارج – قام بنشر العديد من الأبحاث والدراسات محليا وعالميا . – أشرف وناقش الكثير من رسائل الماجيستير والدكتوراه في مختلف الجامعات المصرية . – عضو في الجمعيات العلمية المصرية والعالمية. – قام بتصميم وإدارة وتنفيذ عدد من الدورات التدريبية في مجالات البنوك ودراسات الجدوى وتقييم المشروعات .
الناشر : الدار الجامعية للنشر والتوزيع
مع قيام الدولة القومية ككيان سياسي واقتصادي في بدايات عصر النهضة في أوروبا، أصبحت هناك حكومة تمثل السلطة التنفيذية والتشريعية بجانب القضاء، وصارت جموع أفراد المجتمع تأمل في قيام الحكومة ببعض المهام نيابة عن المجتمع من خلال ما عرف في الفكر السياسي بالعقد الاجتماعي وتمثلت هذه المهام بداية في مهمة الدفاع وتوفير الأمن الداخلي وحفظ النظام والحقوق من خلال القضاء.
ونظراً للحقوق السياسية وحقوق الملكية التي منحت للأفراد من قبل الهيئة الحاكمة، لم يعد من حق الحكومة تسخير المواطنين أو مصادرة أموالهم وممتلكاتهم، ولما كانت وظائف الدولة التي أشرنا إليها تحتاج إلى أموال لتنفيذ هذه المهام فكان لابد من البحث عن مصادر تحقق إيرادات عامة أو دخل عام يمكن الحكومة من توفير هذه الخدمات.
من هنا نشأت الموازنة العامة أو ميزانية الدولة والتي تعني أساساً ميزانية الحكومة على وجه التحديد. حين يبين أحد جانبيها المصروفات أو النفقات المقدرة خلال فترة زمنية قادمة. وهي الجانب الآخر تقيد الإيرادات العامة اللازمة لتمويل هذه النفقات.
موضوع المالية العامة إذن هو الموازنة العامة للدولة، التي تتعلق بإيرادات الحكومة المركزية والمحليات. فالحكومة أصبحت موكلة بالقيام ببعض المهام وتوفير عدد من السلع وتقديم عدد من الخدمات العامة، وعليها في مقابل ذلك أن تتحصل على جانب من دخول الأفراد وثرواتهم بما يمكنها من القيام بوظائفها. فالحكومة من مصر على عكس ما قد يتوقعه البعض ليس لها من مصادر للدخل سوي صافي إيرادات بعض الممتلكات العامة، مثل غير إرادات قناة السويس أو عائدات البترول، وصافي إيرادات بعض الهيئات العامة كالسكك الحديدية والبريد والبنك المركزي. أما الجانب الأكبر من إيرادات الدولة فيأتي من الضرائب التي تفرض على الدخل أو الثروة (الممتلكات) وعلى التصرف في الدخل أو الثروة.
واضح إذن أن الموازنة العامة ليست موازنة قومية أي لا تشمل كل موارد المجتمع ودخله، فالحكومة ليس لها سلطان على دخول الأفراد أو ممتلكاتهم إلا إذا فوضها أفراد المجتمع من خلال ممثليهم في المجلس النيابي باقتطاع جزء من هذه الدخول في شكل ضريبة أو رسوم أو إذا فوضها المجتمع بحق الامتياز على بعض الممتلكات مثل قناة السويس أو حق استغلال أحد الموارد مثل البترول، على أن تصب كل هذه الإيرادات في موارد الخزانة العامة، وأن يتم استخدامها في توفير السلع والخدمات العامة، كالدفاع والأمن والقضاء، والتعليم والصحة العامة وبرامج التأمينات الاجتماعية وغيرها، أو بمعنى آخر فإن هذه الإيرادات تنفق مرة أخرى كمرتبات وأجور للعاملين بالإدارات الحكومية، ولأصحاب المستلزمات السلعية والخدمية التي اشترتها منهم الإدارات الحكومية، وللمقاولين والشركات التي تؤجرها الحكومة لتنفيذ مشروعاتها في بناء المدارس والمستشفيات والطرق والكباري.
هذا هو نطاق دراستنا، ويشمل الوظائف التقليدية التي تعارفت عليها كل النظم الاقتصادية والدول على اختلاف درجة تقدمها، نحن لن نتطرق إلى المشروعات الإنتاجية في مجالات الصناعة والزراعة والتجارة والمال التي قد تمتلكها الدولة لأسباب مختلفة وهو ما يسمى بقطاع الأعمال العام، ذلك أمر آخر يتوقف على طبيعة النظام الاقتصادي وطبيعة مرحلة النمو الاقتصادي التي تمر بها الدولة. وبالتالي فإن ما يجري حلياً في بعض الدول النامية على نطاق واسع من تحويل بعض وحدات قطاع الأعمال العام إلى الملكية الفردية والقطاع الخاص (تعرف بعملية الخصخصة)، أمر يتعلق بمتطلبات الإصلاح الاقتصادي ومتطلبات الكفاءة في تخصيص الموارد وفي الإنتاج عموماً، وهو إن حد من نطاق تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي إلا أنه لا يؤثر سلبياً على نطاق المالية العامة بل على العكس يؤكد على دور أكبر للحكومة في توفير الخدمات العامة وفي التوسع في البنية الأساسية وبرامج الضمان الاجتماعي.
هذه بعض القضايا التي أردنا توضيحها كمدخل للدراسة التي سيكون محورها الموازنة العامة بجانبيها الإيرادات والنفقات، ثم الحيثيات التي تبرر للحكومة الحصول على جانب من دخول وثروات الأفراد، وتخول لها مسئولية تقديم بعض السلع والخدمات (كالدفاع والأمن والبنية الأساسية والتأمينات الاجتماعية)، وفي هذا الإطار أيضاً سوف ندرس الآثار المختلفة لكل من الإيرادات (ممثلة في الضرائب) والنفقات على اختلاف أنواعها. خاصة وأن أصبح الأشياء هو الملكية الفردية والحرية الفردية في العمل والتملك والإنتاج، لكن مقتضيات الحال تفرض إفساح المجال للحكومة كي توفر بعض السلع وتقد بعض الخدمات لأسباب مختلفة سوف نتعرف عليها. وبالتالي فإن اقتطاع جزء من دخول وثروات الأفراد يؤثر قطعاً على تصرفات الأفراد وقراراتهم تجاه العمل والإنتاج والاستهلاك والادخار والاستثمار. كذلك فإن توفير بعض الخدمات المجانية أو تقديم إعانات ومساعدات لبعض الفئات من المجتمع يؤثر على سلوكهم نحو العمل وتصرفاتهم حيال الإنتاج والاستهلاك والادخار.
مرة أخرى تعني اقتصاديات المالية العامة بمختلف القضايا التي يثيرها نشاط الحكومة سواء عندما تقدم خدماتها أو توفر سلعاً لأفراد المجتمع أو عندما تقتطع جانباً من دخولهم وممتلكاتهم للوفاء بتلك الالتزامات. ولا يعد ذلك بعيداً عن اهتمامنا كأفراد، فكلنا نعايش هذه القضايا كواقع منذ أن خرجنا إلى الشارع الذي رصفته الحكومة وأنارته، أو مشياً على الرصيف الذي تعده الحكومة أيضاً. وبعضنا ركب وسيلة نقل عام ودفع أجرة للمحصل أو حجز تذكرة قبل أن يركب القطار، وحتى المقاعد التي نجلس عليها في هذه الجامعة أو تلك خدمة عامة مولها جميع أفراد المجتمع من حصيلة الضرائب التي جمعتها وزارة المالية. والأستاذ الذي يحاضر لك هو موظف عام يتقاضى أجراً من الحكومة نتيجة جهده الذي يبيعه لها.
أعتقد أن في أذهاننا الكثير من الأسئلة التي نأمل الإجابة عليها سوياً خلال دراستنا لهذا المنهج، آملين أن يتزود الدارس بتحصيله من المعارف تجيبه على أسئلته وتزيل أي لبس في ذهنه، وتوسع مداركنا وتجعلنا قادرين على تفهم وتقدير دور الحكومة في حياتنا وأهمية وكيف أننا لا نستطيع أن نلغي هذا الدور أو أن نعيش دون تفويض الحكومة بتقديم الكثير من السلع والخدمات والتدخل فيما بيننا كأفراد لفرض حقوق الملكية وتوفير الاحترام المتبادل لما يجري من عقود أو معاملات.
وفى مقدمة الطبعة الثانية أضاف المؤلف المقدمة التالية
تشير دراسة المالية العامة للدولة الكثير من القضايا الهامة وتلقي اهتماماً كبيراً سواء من جانب الدارسين أو المهتمين بالمشاكل المالية للدولة. من أهم هذه القضايا ما يتعلق منها بالمزايا العامة للدولة ولماذا تحقق عجزاً، وكيف يتم تمويل هذا العجز، أيضاً فإن دراسة تلقى اهتماماً كبيراً من جانب الكثيرين خصوصاً فيما يتعلق بعدالة الضريبة وآثارها على النشاط الاقتصادي وبصفة عامة سوف نحاول في هذا الكتاب أن نجيب على كثير من التساؤلات التي تطرأ في أذهان الكثيرين منا وخصوصاً من جانب الطلاب الدارسين في كليات التجارة والحقوق والاقتصاد باعتبار أن مجالات عملهم في المستقبل سوف تمس جانباً أو أكثر من جوانب مالية العامة للدولة.
وتأكيداً منا للفائدة المرجوة من هذا الكتاب فقد ألحقنا بالفصول النظرية دراسة تطبيقية على الاقتصاد المصري حتى يتبين للقارئ إلى أي حد تتمشى النظم الضريبية ووسائل تمويل الميزانية العامة في مصر مع الأسس النظرية لاقتصاديات المالية العامة، خصوصاً وأن الدراسة النظرية سوف تقدم للطالب أداة للتقييم والحكم على الواقع المالي لدولة في مصر ومن ثم تتحقق أهم أهداف هذا الكتاب والذي يتمثل في تقديم خلفية نظرية تمكن الدارس من الحكم على التجارب التطبيقية.
وحن لا نزعم خلقاً أو إبداعاً في هذا الجهد المتواضع حيث سبقنا في هذا المضمار أساتذة أجلاء كان لهم السبق في صياغة مناهج الدراسة في المالية العامة ومن ثم فقد لزم التنويه بفضل هؤلاء الأساتذة الذين بذلوا الجد الخلاق ومهدوا لنا الطريق فأصبح الأمر سهلاً طيعاً وأخص منه بالذكر: رفعت المحجوب- عاطب صدقي- عبد الكريم صادق بركات- رياض الشيخ- حامد عبد المجيد دراز- محمد أحمد الرزاز- سيد عبد المولى، وغيرهم ممن ورد ذكرهم في قائمة المراجع.
وإذا لم يكن لمؤلفي أن يناطح هذه القمم الشامخة إلا أنني أستطيع أن أزعم أن معظمها قد خلا من الدراسة التطبيقية- وإن لم يقلل ذلك من شأنها إطلاقاً- ومن ثم فإن محاولتي المتواضعة لتقديم دراسة تطبيقية على الاقتصاد المصري من خلال الموضوعات النظرية تمثل تجربة قابلة للنجاح وهو ما أرجو أن يتحقق من خلال الممارسة العملية والمشاركة الفعالة التي أتوقعها من الطلاب الذين سيتمثلون حجر الزاوية في الحكم على هذه التجربة.
واليكم فهرس الكتاب لمعرفة تتابع الموضوعات
القسم الأول: دور الدولة فى النشاط الاقتصادى
الفصـــــــــــــــــل الأول: المالية العامة- طبيعتها ونطاقها
الفصـــــل الثانـــــــــي: مفهوم الموازنة العامة
المبحث الأول : مفهوم الموازنة العامة
المبحث الثانى: الموازنة العامة للدولة فى مصر
الفصـــــل الثالـــــــــث: النشاط الاقتصادى للدولة
الفصـــــــل الرابــــــــع: السياسة المالية للدولة
القسم الثاني : الإيرادات العامة للدولة
الفصل الخـــــــــــامس: مصادر الإيرادات العامة
الفصــــــــل الســـادس: التنظيم الفنى للضريبة
الفصــــل السابـــــــــع: نظرية ضريبة الدخل
الفصـــل الثامـــــــــــن: الآثار الاقتصادية للضريبة
المبحـث الأول : نقل عبء الضريبة
المبحث الثانى : العبء الضريبى القومى
المبحــث الثالث : المقدرة المالية للاقتصاد القومى
القسم الثالث : النفقات العامة للدولة
الفصل التاســــــــــــــع: النفقات العامة
المبحـث الأول : تطور النفقات العامة
المبحث الثانى: ظاهرة تزايد النفقات العامة
الفصــــــل العاشــــــــر: النفقات التحويلية والدعم . الفصل الحادي عشـر: الدعم الحكومى للفقراء فى مصر

المالية العامة,المالية العامة والتشريع الضريبي,المالية المحلية,المالية العامة s3,تطور المالية العامة,مفهوم المالية العامة,قانون المالية العامة,ماهية المالية العامة,مقياس المالية العامة,دروس في المالية العامة,محاضرات المالية العامة,المالية العامة قانون عام,شرح قانون المالية العامة